كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 3)
وَاسْتَنْصَرَ الْمُسْلِمُونَ اللَّهَ، وَاسْتَغَاثُوهُ، وَأَخْلَصُوا لَهُ، وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَائِكَتِهِ: {أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال: 12] [الْأَنْفَالِ: 12] ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ: {أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] [الْأَنْفَالِ: 9] ، قُرِئَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، فَقِيلَ: الْمَعْنَى إِنَّهُمْ رِدْفٌ لَكُمْ. وَقِيلَ: يُرْدِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْسَالًا لَمْ يَأْتُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً.
فَإِنْ قِيلَ: هَاهُنَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَمَدَّهُمْ بِأَلْفٍ، وَفِي (سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) قَالَ: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ - بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 124 - 125] [آلِ عِمْرَانَ: 124- 125] فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟
قِيلَ: قَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْإِمْدَادِ الَّذِي بِثَلَاثَةِ آلَافٍ، وَالَّذِي بِالْخَمْسَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ إِمْدَادًا مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ، فَلَمَّا فَاتَ شَرْطُهُ، فَاتَ الْإِمْدَادُ، وَهَذَا قَوْلُ الضحاك ومقاتل، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عكرمة.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، ومجاهد، وقتادة.
الصفحة 158