كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 3)

وَقَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا، وَنَذِرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ فِي طَلَبِهِ، فَبَلَغَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ، وَفَاتَهُ أبو سفيان، وَطَرَحَ الْكُفَّارُ سَوِيقًا كَثِيرًا مِنْ أَزْوَادِهِمْ يَتَخَفَّفُونَ بِهِ، فَأَخَذَهَا الْمُسْلِمُونَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ السَّوِيقِ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ.
فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ غَزَا نَجْدًا يُرِيدُ غَطَفَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَقَامَ هُنَاكَ صَفَرًا كُلَّهُ مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَلَمْ يَلْقَ حَرْبًا.

[فصل في غَزْوَةُ الْفُرْعِ]
فَصْلٌ
فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ رَبِيعًا الْأَوَّلَ، ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ قُرَيْشًا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَبَلَغَ بحران معدنا بِالْحِجَازِ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ، وَلَمْ يَلْقَ حربا، فَأَقَامَ هُنَالِكَ رَبِيعًا الْآخَرَ، وَجُمَادَى الْأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ.

[فصل في غَزْوَةُ بَنِي قَيْنُقَاعَ]
فَصْلٌ
ثُمَّ غَزَا بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَكَانُوا مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ، فَنَقَضُوا عَهْدَهُ، فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ لَيْلَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَشَفَعَ فِيهِمْ عبد الله بن أبي، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَأَطْلَقَهُمْ لَهُ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَكَانُوا سَبْعَمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَكَانُوا صَاغَةً وَتُجَّارًا.

الصفحة 170