كتاب تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل (اسم الجزء: 3)

الموت أي على الشهادة كعثمان وطلحة {وَمَا بَدَّلُواْ} العهد {تَبْدِيلاً} ولا غيروه لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة وفيه تعريض لمن بدلوا من أهل النفاق ومرضى القلوب كما مر في قوله تعالى وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)
{لّيَجْزِىَ الله الصادقين بِصِدْقِهِمْ} بوفائهم بالعهد {وَيُعَذّبَ المنافقين إِن شَاء} إذا لم يتوبوا {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} إن تابوا {إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً} بقبول التوبة {رَّحِيماً} بعفو الحوبة جعل المنافقين كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب فكأنهما استويا في طلبها والسعي في تحصيلها
وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25)
{وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ} الأحزاب {بِغَيْظِهِمْ} حال أى مغيظين كقوله تنبت بالدهن {لم ينالوا خيرا} ظفر أى لم يظفروا بالمسلمين وسماه خيرا يزعمهم وهو حال أي غير ظافرين {وَكَفَى الله المؤمنين القتال} بالريح والملائكة
الأحزاب (28 - 25)
{وَكَانَ الله قَوِيّاً عَزِيزاً} قادراً غالباً
وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)
{وَأَنزَلَ الذين ظاهروهم} عاونوا الأحزاب {مّنْ أَهْلِ الكتاب} من بني قريظة {مِن صَيَاصِيهِمْ} من حصونهم الصيصية ما تحصن به رُوي أن جبريل عليه السلام اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة الليلة التى انهوم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا صلاحهم على فرسه الحيزوم والغبار على وجه الفرس

الصفحة 26