كتاب تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل (اسم الجزء: 3)

ما شاءوا بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعاً لرأيه واختيارهم تلوا لاختياره فقال رضينا يا رسول الله فأنكحها إياه وساق عنه إليها مهرها وإنما جمع الضمير في لَهُمْ وإن كان من حقه أن يوحد لأن المذكورين وقعا تحت النفي فعما كل مؤمن ومؤمنة فرجع الضمير إلى المعنى لا إلى اللفظ ويكون بالياء كوفي والخيرة ما يتخير ودل ذلك على أن الأمر للوجوب {وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضلالا مُّبِيناً} فإن كان العصيان عصيان رد وامتناع عن القبول فهو ضلال كفر وإن كان عصيان فعل مع قبول الأمر واعتقاد الوجوب فهو ضلال خطأ وفسق
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ الله عَلَيْهِ} بالإسلام الذي هو أجل النعم {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالإعتاق والتبني فهو متقلب في نعمة الله ونعمة رسوله وهو زيد بن حارثة {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} زينب بنت جحش وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصرها بعدما أنكح إياه فوقعت في نفسه فقال سبحان الله مقلب القلوب وذلك أن نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم انى أريد أن أفارق صاحبتى فقال
الأحزاب (39 - 37)
مالك ارابك منها شئ قال لا والله ما رأيت منها الاخيرا ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني فقال له أمسك عليك زوجك {واتق الله} فلا تطلقها وهو نهي تنزيه إذ الأولى أن لا يطلق أو واتق الله فلا تذمها بالنسبة إلى الكبر وأدى الزوج {وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ} أي تخفي في نفسك نكاحها إن طلقها زيد وهو الذى ابداه الله وقيل الذي أخفى في نفسه

الصفحة 32