كتاب قواعد ابن رجب ت مشهور (اسم الجزء: 3)

بأن الواجب بقتل العمد أحد شيئين، وقد فات أحدهما؛ فتعين الآخر، وهذا يدل على أنه لا يجب شيء إذا قلنا: الواجب القود عينًا، وهذا يقوى على قولنا: إن الدية لا تثبت إلا بالتراضي.
وخرج الشيخ تقي الدين وجهًا آخر، وقواه: أنه تسقط (¬1) الدية بموت القاتل أو قتله بكل حال؛ معسرًا كان أو موسرًا، وسواء قلنا: الواجب القود عينًا، أو: أحد شيئين؛ لأن الدية إنما نجب بأزاء العفو، وبعد موت القاتل لا عفو؛ فيكون موته كموت العبد الجاني (¬2).
والعجب من القاضي [في "خلافه"] (¬3)! كيف حمل هذه الرواية على أن أولياء المقتول الأول يخيرون (¬4) في القاتل الثاني بين أن يقتصوا منه أو يأخذوا الدية؟!
وتبعه على ذلك صاحب "المحرر"؛ فحكاه رواية (¬5)، ومن تأمل لفظ الرواية؛ علم أنها لا تدل على ذلك ألبتة، وقال القاضي أيضًا في "خلافه": الدية واجبة في التركة، سواء قلنا: الواجب أحد شيئين، أو القصاص عينًا،
¬__________
= وفي بعض طرقه ضعف؛ فقد رواه عن يحيى وابن جريج والمثنى -وهم مدنيون-: إسماعيل بن عياش, وروايته عن غير الشاميين ضعيفة، ووهم بعض الرواة في بعض ألفاظه.
انظر: "معالم السنن" (4/ 23)، و"زاد المعاد" (5/ 26).
(¬1) في المطبوع: "يسقط"، وفي (أ) بدون تنقيط الحرف الأول.
(¬2) انظر: "الاختيارات الفقهية" (ص 292).
(¬3) ما بين المعقوفتين سقط من (أ).
(¬4) في (ب): "يجيزون".
(¬5) انظر: "المحرر" (2/ 130).

الصفحة 53