كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 3)

وأعقب ذلك الكساد التفريط في حقوق المرأة. ومن ذا الذي يضن بالرخيص المبذول أو يصون البغيض المملول؟ ومن التفريط تركها في غياهب الجهل وطرحها في مطارح الإهمال، فلا تزويد بعلم، ولا تجميل بأدب، ولا تنشئة على دين. وانقضى بانقضاء القرن الثالث للهجرة عهد المرأة العربية الكاتبة والشاعرة والعالمة والخطيبة، وقالوا تَعلة لذلك، إن الذي يُعلم المرأة كمن يصقل السيف ليُقتل به، وقالوا: لا تسق السهم سما لترميك به يوماً ما، وقالوا إذا وصفت المرأة بالعقل فهي غير بعيدة عن الجهل، وقالوا: لا تدع المرأة تضرب صبيا فإنه أعقل منها. وأمثال ذلك ونظائره كثير.
ومن التفريط في المرأة ترك الحفاظ لها، والغيرة عليها. ولا أقول إن ذلك كان سنناً عاماً لأهل العراق، ولكنه مما فشا فيهم، وذاع في أشعارهم وأخبارهم وأثر عن سامّتهم وعامّتهم. وليس بسر ما وضعه أهل هذا البلد من الكنايات وما أرسلوه
من النوادر، وما أذاعوه من الشعر عن المفرّطين في أعراضهم، المغضبين عن الشرف حلائلهم مما استفاضت به الكتب، وتظاهرت عليهِ الأخبار.

إباحة المتعة والزواج الموقوت
المتعة عقد بين الرجل والمرأة صيغته أن يقول الرجل أتمتع أو أستمتع بك، أو ما إليهما مما اشتق من هذا اللفظ، فتجيبه المرأة بالقبول ولا تلزمه الشهود. والزواج الموقت صيغة كصيغة الزواج العامة إلا أنه موقوت بوقت، وقد أحلهما الإسلام معاً باسم المتعة في السنة الأولى من الهجرة، ثم حرمهما الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. على أن المسلمين ما برحوا يتمتعون طوال عهد أبي بكر وصدراً من عهد عمر لأن منهم من لم يصله حديث المنع حتى أخذهم عمر بمنعه

الصفحة 103