كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 3)

أتبكي بلا دمع وتفرق بين لآلاف! فمن أحق بالقتل منك؟ ثم فعلن به ما فعلن بصاحبه، ثم غنت الثالثة.
ألا يا غراب البين لونك شاحب ... وأنت بِلَوعات الفراق جدير
فبيّن لنا ما قلت إذ أنت واقع ... وبين لنا ما قلت حين تطير
فإن يك حقّاً ما تقول فأصبحت ... همومك شتى والجناح كسير
ولا زلت مكسوراً عديماً لناصر ... كما ليس لي من ظاِلِميَّ نصير
ثم قالت له: أما الدعوة فقد استجيبت، ثم كسرت جناحيه، وأمرت فَفُعِل به ذلك، ثم غنت الرابعة:
عشيةَ ما لي حيلة غير أنني ... بلقط الحصى والخط في الدار مولع
أخط وأمحو كل ما قد خططته ... بدمعيَ والغربانُ في الدار وقع
ثم قالت لأخواتها: أي قتلة أقتله، فقلن لها علقيه برجليه وشدي في رأسه شيئاً ثقيلاً حتى يموت، ففعلت به ذلك، ثم وضعن عيدانهن ودعون بالغذاء فأكلن، ودعون بالشراب فشربن، وجعلن كلما شربن قدحاً شربن للصورة مثله وأخذن عيدانهن فغنين، فغنت الأولى:
ابكي فراقكُم عينِي فأرَّقها ... إن المحب على الأحباب بكاءُ
ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم ... حتى تفانوا وريب الدهر عدّاء
ثم غنت الثانية:
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمرُهُ الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يَروعهما الذعر
ثم غنت الثالثة:
سأبكي على ما فات منك صبابة ... وأندب أيام الأماني الذواهب

الصفحة 121