كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 3)

إلى السلطان يعقوب المنصور غرناطة من عماله على بلدها، فقد كتبت هذه الشكوى وألقتها على مُصَلَّى المنصور يوم الجمعة، فلما قضى صلاته فضها وقرأها فإذا فيها:
قد آن تبكي العيون الآبية ... ولقد أرى أن الحجارة باكية
يا قاصد المصر يُرجى به ... إن قدّر الرحمن - رفع - كراهيه
ناد الأمير إذا وقفت ببابه ... يا راعيا إن الرعية فانيه
أرسلتها هملا ولا مرعى لها ... وتركتها نهب السباع العاديه
شِلْبٌ كلا شِلبٍ وكانت جنة ... فأعادها الطاغون ناراً حاميه
حافوا وما خافوا عقوبة ربهم ... والله لا تخفى عليه خافية
فأنصف المرأة بعدله ووصلها بجزيل ماله:
وحديث الأدب النسويَّ في هذا العصر حديث شيَق أليف، وإذا قلت لك أن هناك أستاذات من النساء كن يدارسن بنات الأسر الشريفة الأدب ويروينهن الشعر فلا تظن هؤلاء على قدر محدود فيما أخذن فيه من دروس وتحصيل، ولكنهن كن مع أعلام هذا العصر وأفذاذ رجاله على سواء واحد من العلم والأدب والفهم
والتخرج. ومن أمثلة هؤلاء الشاعرة العروضية إحدى فتيات بَلَسنة فقد تلقت النحو واللغة على الإمام أبي المطرف وعبد الرحمن بن غلبون، ثم فاقته فيهما وبرزت علماء عصرها في العروض، وكانت تحفظ الكامل للمبرد والأمالي للقالي وتشرحهما شرحا مبينا، وقد قرأهما عليها العالم يوسف بن نجاح وأخذ عنها علم العروض.
ولقد يمتد بنا الطريق إذا استوفينا جانب الأدب من حياة المرأة الأندلسية وهو أنضر جوانبها وأبهج حلاها في هذا العصر، فبحسبنا أن ندل عليه ونكتفي بهذا الطرف اليسير من حديثه.

الصفحة 136