كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 3)

الغروب الدجوجي، وأسبل الليل جنحه، وتقلد السماك رمحه، وهم النسر بالطيران، وعام في الأفق زورق الزّبرقان، أوقدنا مصابيح الراح، واشتملنا مُلاء الارتياح، وللدجن فوقنا مُلاء مضروب، فغنتنا عند ذلك جارية تسمى أُنس القلوب، وقالت:
قدم الليل عند ستر النهار ... وبدا البدر مثل نصف السواري
فكأن النهار صفحة خدّ ... وكأن الظلام خط عِذَار
وكأن الكؤوس جامد ماء ... وكأن المدام ذائب نار
نظري قد جنى عليّ ذنوباً ... كيف مما جنته عيني اعتذاري
يا لقومي تعجبوا من غزال ... جائر في محبتي وهو جاري
ليت لو كان لي إليه سبيل ... فأُقضّي من الهوى أوطاري
كتب أبو عامر بن نيق إلى هندية جارية أبي محمد بن عبد الله بن مسلمة الشاطي يدعوها بهذين البيتين:
يا هند هل لك في زيارة فتية ... نبذوا المحارم غير شرب السلسل
سمعوا البلابل قد شدت فتذكروا ... نغمات عودك في الثقيل الأول
فكتبت في ظهر رقعته:
يا سيداً حاز العلا عن سادة ... شم الأنوف من الطراز الأول
حسبي من الإسراع نحوك أنني ... كنت الجواب مع الرسول المقبل
كان عباد المعتضد كلفاً بجاريته العَبّادية فسهر ليلة وهي نائمة فقال:
تنام ومدنفها يسهر ... وتصبر عنه ولا يصبر
فانتبهت له وأجابته:
لئن دام هذا وهذا له ... سيهلك وجداً ولا يشعر

الصفحة 146