كتاب الإمام في معرفة أحاديث الأحكام - ت آل حميد (اسم الجزء: 3)
الطريق الثاني في الاستدلال على النسخ: أن بعض من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الأول أفتى بوجوب الغسل أو رجع عن الأول.
وروى مالك عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان، أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل، فقال زيد: يغتسل فقال له محمود: إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل، فقال له زيد: إن أبي بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وإنما بدأت بحديث أبي بن كعب في قوله: "الماء من الماء" ونزوعه، أن فيه دلالة على أنه سمع "الماء من الماء" من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع خلافه، فقال به، ثم لا أحسبه تركه إلا أنه ثبت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعده ما نسخه". قال البيهقي: "قول أبي بن كعب: "الماء من الماء"، ثم [نزوعه عنه] يدل على أنه أثبت له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد ما نسخه، وكذلك عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهما".
وروى مالك أيضا عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: "إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل".