كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (اسم الجزء: 3)

بصيرة فى ضد
الضِّدّان: الشيئان اللذان تحت جنس واحد، وينافى كلّ واحد منهما الآخر فى أَوصافه الخاصّة، وبينهما أَبْعَد البُعْد؛ كالسّواد والبياض، والخير والشر. وما لم يكونا تحت جنس واحد لا يقال لهما الضدّان؛ كالحَلاوة والحركة. قالوا: والضدّ أَحد المتقابلات، فإِن المتقابلَين هما الشيئان المختلفان اللذان كلّ واحد قُبَالةَ الآخر، ولا يجتمعان فى شىء واحد [فى وقت واحد] . وذلك أَربعة أَشياء: الضدّان؛ كالبياض والسّواد، والمتضايِفان؛ كالضِّعْف والنصف، والوجود والعدم، [و] كالبصر والعمى، والموجِبة والسّالبة فى الأَخبار، نحو: كلّ إِنسان ههنا، وليس كل إِنسان بههنا.
وكثير من المتكلِّمين وأَهل اللغة يجعلون كلّ ذلك من المتضادّات، ويقولون: الضدّان: ما لا يصحّ اجتماعهما فى محلّ واحد. وقيل: الله تعالى لا نِدّ له ولا ضِدّ له؛ لأَنَّ الندّ هو الاشتراك فى الجوهر، والضدّ هو أَن يعتقب الشَّيئان المتنافيان فى جنس واحد، والله تعالى منزَّه عن أَن يكون له جوهر، فإِذًا لا ضدّ له ولا نِدّ.

الصفحة 463