كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

آية: 50]
{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [سورة آل عمران آية: 55] ، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [سورة النساء آية: 158] {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [سورة البقرة آية: 255] ، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سورة سبأ آية: 23] علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات; لا يجوز أن يوصف إلا بذلك كله، لكماله تعالى في أوصافه؛ فله الكمال المطلق، في كل صفة وصف بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى:
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [سورة غافر آية: 15] ، فذكر العرش عند هذه الصفة، من أدلة فوقيته تعالى، كما هو صريح فيما تقدم من الآيات; وكقوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [سورة الشورى آية: 5] الآية.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في معنى قول الله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [سورة الحديد آية: 3] الآية: " اللهم: أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء "1 فقوله: "فليس فوقك شيء" نص في أنه تعالى فوق جميع المخلوقات; وهو الذي ورد عن الصحابة، والتابعين من المفسرين وغيرهم، في معنى قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه آية: 5] إن معنى استوى: استقر، وارتفع، وعلا، وكلها بمعنى واحد؛ لا ينكر هذا إلا جهمي زنديق، يحكم على الله وعلى أسمائه وصفاته بالتعطيل، قاتلهم الله أنى يؤفكون، والنصوص الدالة على
__________
1 مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2713) , والترمذي: الدعوات (3400 ,3481) , وأبو داود: الأدب (5051) , وابن ماجه: الدعاء (3831) , وأحمد (2/381 ,2/404 ,2/536) .

الصفحة 215