كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

تعالى ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله إثباتا بلا تمثيل، وتنْزيها بلا تعطيل، وعرفوه بأفعاله وعجائب مخلوقاته; وبما أظهره لهم من عظيم قدرته، وبما أسبغه عليهم من عظيم نعمه، فعبدوا ربا أحدا صمدا، إلها واحدا، وهو الله الذي الإلهية وصفه; فالخلق خلقه، والملك ملكه، لا شريك له في إلهيته، ولا في ربوبيته، ولا في ملكه، تعالى وتقدس، كما قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ?مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ} [سورة الناس آية: 1-2] ، ونزهوه عما تنَزه عنه، وعن كل ما فيه عيب ونقص، وعن كل ما وصفته الجهمية وأهل البدع، مما لا يليق بجلاله وعظمته.
وأما الجهمية، فعطلوه من صفات الكمال، وصاروا إنما يعبدون عدما، لأنهم وصفوه بما ينافي الكمال، ويوقع في النقص العظيم، فشبهوه بالناقصات تارة، وبالمعدوم تارة، فهم أهل التشبيه، كما عرفت من حالهم وضلالهم ومحالهم.
وأما ما أورده هذا الجهمي الجاهل من آيات العلم، كقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [سورة الحديد آية: 4] ، وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [سورة المجادلة آية: 7] ، فلا منافاة بين استوائه على عرشه وإحاطة علمه بخلقه، والسياق يدل على ذلك: أما الآية الأولى، فهي مسبوقة بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي

الصفحة 219