كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [سورة الحديد آية: 4] .
ذكر استواءه على عرشه، وذكر إحاطة علمه بما في الأرض والسماوات، ثم قال: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [سورة الحديد آية: 4] ، أي بعلمه المحيط بما كان وما يكون.
وأما الآية الثانية: فهي كذلك مسبوقة بالعلم، وختمها تعالى به، فقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [سورة المجادلة آية: 7] إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [سورة المجادلة آية: 7] ، فعلم أن المراد: علمه بخلقه، وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [سورة الطلاق آية: 12] ، وهذا المعنى الذي ذكرنا، هو الذي عليه المفسرون من الصحابة والتابعين والأئمة، وجميع أهل السنة والجماعة.
وأما الجهمية وأهل البدع، فحرموا معرفة الحق، لانحرافهم عنه، وجهلهم به، وبالقرآن والسنة، كما قال العلامة بن القيم، رحمه الله تعالى:
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا تقييده بشرائع الإيمان.
ومن المعلوم أنه لا يقبل الحق إلا من طلبه، وأما أهل

الصفحة 220