كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

[جواب الشيخ عبد الرحمن بن حسن عن قول الخطيب الحمد لله الذي تحيرت العقول في مبدأ أنواره]
بسم الله الرحمن الرحيم
وسئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله تعالى عن قول الخطيب: الحمد لله الذي تحيرت العقول في مبدأ أنواره، وتاهت الألباب في صمديته، وكنه ذاته؟
فأجاب: هذه الألفاظ، ابتدعها من تمسك بقول أهل الكلام الحادث المذموم; فإنهم الذين تاهوا، وتحيروا في الإيمان الذي دعت إليه الرسل، ونزلت به الكتب، وإلا فطريقة القرآن حمد الله لنفسه بأسمائه وصفاته، وما يعرف به، ويوجب الإيمان به ومعرفته وإثبات ربوبيته وصفات كماله؛ فهذا هو توحيد المعرفة والإثبات الذي هو توحيد المرسلين، ودعوا به الأمم إلى توحيد الإرادة والقصد، الذي هو توحيد الإلهية; فإن الرب الذي أبدع لخلقه ما يشاهدونه من عظيم مخلوقاته، وتعرف إليهم بذلك، وبما دلهم عليه من كمال صفاته وتصرفه في مخلوقاته، هو الرب الذي لا يستحق العبادة غيره.
فالرسل وأتباع الرسل كمل الله إيمانهم بذلك العلم، والعمل; فقد قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [سورة الأنعام آية: 1] فحمد نفسه بما يوجب الإيمان به ومعرفته، من عظيم

الصفحة 228