كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

مخلوقاته، واستدل بأدلة ربوبيته على ما يستلزمه من إلهيته، فقال: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [سورة الأنعام آية: 1] فأنكر الشرك في حق من هذا وصفه، وإنكار الشرك يقتضي توحيد العبادة، بأن لا يراد غيره، ولا يقصد سواه، فانتظم ذلك نوعي التوحيد.
وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً} [سورة الكهف آية: 1] فحمد نفسه على إنزال الكتاب الذي هو أعظم نعمة أنعمها على أهل الأرض، وهو يقتضي الإيمان بالكتب والرسل؛ وهو صراط الله المستقيم الذي لا تزيغ به الأهواء; فهذا وأمثاله هو طريقة القرآن; يحمد نفسه على ما يتعرف به إلى خلقه، ليعرفوه بذلك الذي أبدعه، وأوجده، وأنعم به، كقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سورة فاطر آية: 1] الآية، وأمثال هذا في القرآن.
وبتدبره والعلم به يحصل به كمال الإيمان، وتنتفي الحيرة، ويحصل كمال الهداية، ويعصم القلوب أن تتيه في ربها، وصفاته; فكل ما وصف به نفسه، فلا حيرة فيه عند أهل الإيمان الذين عرفوه بما تعرف به إليهم في كتابه، واطمأنت قلوبهم بالإيمان به، وجعلوه قصدهم ومرادهم.
وأما أهل الجدل من أهل الكلام، فهم الذين تحيروا وتاهوا، كما أخبر بذلك نفر من متقدميهم، كما هو معروف لديكم بحمد الله.

الصفحة 229