كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

كَلامَ اللَّهِ} [سورة التوبة آية: 6] .
والآيات في ذلك كثيرة.
وأما السنة فأكثر من أن تحصى; منها: أمره صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بكلمات الله، في عدة أحاديث، وقوله صلى الله عليه وسلم " ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان "1. فمن قال: إن الله لا يتكلم، فقد رد على الله ورسوله، وكفره ظاهر; وقد ذكرتم أن العرب يضيفون الفعل إلى غير الفاعل، فهذا لا ينكر، أعني وجود المجاز في لغة العرب.
وأما وقوع المجاز في القرآن، ففيه خلاف بين الفقهاء، حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أن أكثر الأئمة لم يقولوا: إن في القرآن مجازا؛ ورد القول بوجود ذلك في القرآن، واستدل بأدلة كثيرة؛ وعلى تقدير جواز وجوده في القرآن، فمن المعلوم أنه لا يجوز صرف الكلام عن حقيقته حتى تجمع الأمة على أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك؛ ولو ساغ ادعاء المجاز لكل أحد، ما ثبت شيء من العبادات، ولبطلت العقود كلها، كالأنكحة، والطلاق، والأقارير، وغيرها، وجل الله أن يخاطب الأمة إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين.
وأيضا فالكلام إذا قام الدليل على أن المتكلم به عالم ناصح مرشد، قصده البيان والهدي والدلالة، والإيضاح بكل طريق، وحسم مواد اللبس ومواقع الخطأ،
__________
1 البخاري: التوحيد (7443) , ومسلم: الزكاة (1016) .

الصفحة 233