كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

وأن هذا هو المعروف المألوف من خطابه، وأنه اللائق بحكمته، لم يشك السامع في أن مراده هو ما دل عليه ظاهر كلامه.
قال شيح الإسلام ابن تيمية، في أثناء كلام له: ومعلوم باتفاق العقلاء أن المخاطب المبين، إذا تكلم بمجاز، فلا بد أن يقرن بخطابه ما يدل على إرادة المعنى المجازي، فإذا كان الرسول المبلغ المبين، الذي بين للناس ما أنزل إليهم، يعلم أن المراد بالكلام خلاف مفهومه أو مقتضاه، كان عليه أن يقرن بخطابه ما يصرف القلوب عن فهم المعنى الذي لم يرده، لا سيما إذا كان لا يجوز اعتقاده في الله، فإنه عليه أن ينهاهم عن أن يعتقدوا في الله ما لا يجوز اعتقاده، وإذا كان ذلك مخوفا عليهم، ولو لم يخاطبهم بما يدل على ذلك، فكيف إذا كان خطابه هو الذي يدلهم على ذلك الاعتقاد الذي تقول النفاة هو اعتقاد باطل ... إلى أن قال: وهذا كلام بين لا مخلص لأحد عنه، انتهى.
وأيضا فالأدلة الدالة على أن الله يتكلم حقيقة، أكثر من أن يمكن ذكرها ها هنا؛ فإن الله سبحانه فرق بين الإيحاء المشترك بين الأنبياء، وبين التكليم الخاص لموسى، فقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [سورة النساء آية: 163] إلى قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [سورة النساء آية: 164] ، فلو لم يكن موسى عليه السلام سمع كلام الله منه بلا واسطة، لم يكن له مزية على غيره من

الصفحة 234