كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

الرسل، ولم يكن في تخصيصه بالتكليم فائدة، ولم يسم كليم الله; وقد قال تعالى: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [سورة الأعراف آية: 144] .
وأيضا، فقد قال الفراء: إن الكلام إذا أكد بالمصدر، ارتفع المجاز، وثبتت الحقيقة، وقد أكد الفعل بالمصدر، في قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [سورة النساء آية: 164] ، وقال تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} [سورة الشعراء آية: 10] ، وقال: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} [سورة مريم آية: 52] ، وقال: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [سورة طه آية: 11-12] ، وقال تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ} [سورة القصص آية: 30] ، الآية، ففي هذا ونحوه، دلالة صريحة أن الله كلم موسى وناداه بنفسه بلا واسطة، وموسى سمع كلام الله ونداءه، لأنه لا يجوز لغير الله أن يقول: {إني أنا الله رب العالمين} .
وقد ذكر الإمام أحمد، رحمه الله، في كتاب: الرد على الجهمية، عن الزهري، قال: لما سمع موسى كلام الله قال: يا رب هذا الكلام الذي سمعته، هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى، هو كلامي; وإنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان; ولي قوة الألسن كلها، وأنا أقوى من ذلك، وإنما كلمتك بقدر ما يطيق بدنك، ولو كلمتك بأكثر من ذلك لمت. فلما رجع موسى إلى قومه، قالوا: صف لنا كلام ربك; فقال: سبحان الله، وهل أستطيع أن أصفه لكم؟!

الصفحة 235