كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

حجته، ويرغم أنفه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه "1 يعني: القرآن، وقال خباب بن الأرت: يا هنتاه تقرب إلى الله بما استطعت، فلن تتقرب إليه بشيء أحب إليه مما خرج منه، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما قرأ عليه قرآن مسيلمة الكذاب، فقال: إن هذا كلام لم يخرج من إل، يعني: رب; فوضح بما ذكرناه: أن الله يتكلم حقيقة، وأن من ادعى المجاز بعد هذا البيان، فقد شاق الله ورسوله، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [سورة النساء آية: 115] .
[فصل ما استدل به بعض المعتزلة على أن كلام الله مخلوق]
فصل: وقد ذكرتم ما استدل به بعض المعتزلة على أن كلام الله مخلوق، وهو قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [سورة الحديد آية: 3] ، ولا يشك من له عقل أن من دل الخلق على أن كلام الله مخلوق، بقوله: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [سورة الحديد آية: 3] لقد أبعد النجعة; وهو إما ملغز، وإما مدلس، لم يخاطبهم بلسان عربي مبين، وقد قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [سورة آل عمران آية: 7] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم "2، مع أنه ليس في هذه الآية شبهة لمن احتج بها، فلله الحمد والمنة; ولا يشبه بها على رعاع الناس إلا من أزاغ الله قلبه، نسأل الله العافية.
__________
1 الترمذي: فضائل القرآن (2911) , وأحمد (5/268) .
2 البخاري: تفسير القرآن (4547) , ومسلم: العلم (2665) , والترمذي: تفسير القرآن (2994) , وأبو داود: السنة (4598) , وابن ماجه: المقدمة (47) , وأحمد (6/48 ,6/124 ,6/132 ,6/256) , والدارمي: المقدمة (145) .

الصفحة 237