كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

وإن كان يعني بالسلف عندكم: الصحابة، والتابعون، وأئمة الإسلام، الذين لهم لسان صدق في الأمة، الذين رفع الله قدرهم وأعلى منْزلتهم، الذين هم سلف الأمة حقا، فأخطأتم في نسبة عدم القول بذلك إليهم; فإنهم كلهم مجمعون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق; قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القرآن: "ليس بخالق، ولا مخلوق; ولكنه كلام الله، منه بدا وإليه يعود" ذكر هذا الكلام عن علي، الشيخ الحافظ عبد الغني المقدسي، وذكر أيضا عن عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنهما قالا: القرآن كلام الله، منه بدا وإليه يعود.
فقولهم رضي الله عنهم: منه بدا، أي: هو المتكلم به، وهو الذي أنزله من لدنه; ليس هو كما تقوله الجهمية: أنه خلق في الهواء، أو غيره، أو بدا من غير الله.
وأما إليه يعود، فإنه يسرى به في آخر الزمان من المصاحف والصدور، فلا يبقى منه كلمة ولا في المصاحف منه حرف.
وقال سفيان بن عيينة: سمعت عمرو بن دينار يقول: أدركت مشايخنا، والناس، منذ سبعين سنة يقولون: "القرآن كلام الله، غير مخلوق، منه بدا، وإليه يعود" رواه محمد بن جرير، وهبة الله بن الحسن، الطبريان في كتاب السنة لهما، وقد أدرك عمرو بن دينار: أبا هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا يدل على

الصفحة 239