كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

شهرة القول بذلك في زمن الصحابة رضي الله عنهم، الذين أدركهم عمرو بن دينار، على شهرته عند التابعين، وأنهم كلهم على ذلك.
وقال البخاري: حدثنا سفيان ابن عيينة قال: "أدركت مشيختنا، منذ سبعين سنة، منهم عمرو بن دينار، يقولون: القرآن كلام الله، غير مخلوق". فعمرو بن دينار حكاه عن مشيخته والناس، وسفيان حكاه أيضا عن مشيخته; فهذا صريح في الدلالة على اشتهار هذا القول في القرون التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلام أئمة الإسلام في ذلك أكثر من أن يمكن ذكره هنا; كأبي حنيفة، ومالك، والأوزاعي، والليث، والثوري، والشافعي، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، والبخاري، وغيرهم من أئمة الحديث، وكلهم على ذلك مجمعون، ولكتاب ربهم وسنة نبيهم متبعون، وحكى غير واحد الإجماع على ذلك.
قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء، في جميع الأمصار، حجازا، وعراقا، ومصرا، وشاما، ويمنا، فكان في مذاهبهم: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، والقرآن كلام الله، غير مخلوق بجميع جهاته، والقدر خيره وشره من الله، وأن الله تعالى على عرشه، بائن من خلقه، كما وصف نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله، بلا كيف {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} ،

الصفحة 240