كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى آية: 11] .
وقد ذكرتم: أن بعض السلف قال بخلق القرآن، كابن المديني; فلا شك أن ابن المديني وابن معين، وغيرهما من أئمة الحديث، أجابوا في المحنة كرها، واعتذروا بالإكراه، لما عاب عليهم الأئمة، وهجرهم الإمام أحمد، ولم يعذرهم، واحتج عليه ابن معين بعمار رضي الله عنه حين أكرهه أهل مكة على كلام الكفر; ورد عليه أحمد، بأن قال: إن عمارا ضرب، وأنتم قيل لكم نريد أن نضربكم، ومن المعلوم: أنه لم يثبت في المحنة إلا القليل، والأكثرون: أجابوا مكرهين; ومن نسب القول بذلك إلى ابن المديني أو غيره من أهل الحديث، بعد تصريحهم بأنهم إنما أجابوا كرها، فقد قال ما لا يعلم، ونسب إليهم ما هم براء منه.
وذكرتم أن ابن علية قال بذلك، فهذا لا ينكر; وابن علية معروف عند أهل السنة بالبدعة; وكلام الأئمة في ذمه كثير; والبخاري وإن روى عنه، فهو عنده من أهل البدع; وقد روى البخاري عن غيره من أهل البدع، لأن الرجل إذا عرف منه الصدق والإتقان لما روى، جازت الرواية عنه، ولا يخرجه ذلك عن كونه مبتدعا، قال البيهقي في مناقبه: ذكر الشافعي إبراهيم ابن علية، فقال: أنا مخالف له في كل شيء، وفي قول: لا إله إلا الله، لست أقول كما

الصفحة 241