كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

يقول، أنا أقول: لا إله إلا الله، الذي كلم موسى من وراء حجاب، وذلك يقول: لا إله إلا الله الذي خلق كلاما، أسمعه موسى من وراء حجاب.
وأما قولكم: إن الصواب في هذه المسألة، الوقف، وإنه هو اعتقادكم، لا تقولون مخلوق، ولا غير مخلوق; فمضمون هذه المقالة: أن الله يحب منا أن نقف موقف الحيارى الشاكين، ونبقى في الجهل البسيط، لا نعرف الحق من الباطل، ولا الهدى من الضلال، مذبذبين بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وأن الله يحب عدم العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويحب منا الحيرة والشك.
ومن المعلوم أن الله لا يحب الجهل، ولا الشك، ولا الحيرة، ولا الضلال، وإنما يحب الدين، والعلم، واليقين; وقد ذم الله الحيرة، بقوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ} [سورة الأنعام آية: 71] .
ومن المعلوم أنه لا بد أن يكون كلام الله في نفس الأمر، مخلوقا، أو غير مخلوق، لا غير، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتقد أحد الأمربن، لا غير; وإذا كان الأمر كذلك، فلابد أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد دل أمته على ما يعتقدونه من ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: " تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك "1، وقال فيما صح عنه أيضا: " ما بعث الله من نبي، إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه
__________
1 ابن ماجه: المقدمة (44) , وأحمد (4/126) .

الصفحة 242