كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم "1، وقال أبو ذر رضي الله عنه: "لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء، إلا ذكر لنا منه علما"2؛ محال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين- وإن دقت- أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم، ويعتقدونه بقلوبهم، في ربهم ومعبودهم، الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد، والوصول إليه غاية المطالب، فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان وحكمة، أن لا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول صلى الله عليه وسلم على غاية التمام؟!.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، فقد علم ما سيكون، ثم قال: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله "3، فالرب سبحانه وتعالى عالم بما سيقع من التنازع، فقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [سورة النساء آية: 59] ، ومن المحال أن يأمرهم برد ما تنازعوا فيه إلى ما لا يفصل النّزاع، ويبين الحق من الباطل.
وقد أمرنا الله سبحانه، أن نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [سورة الفاتحة آية: 6-7] وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام من الليل يصلي: " اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه
__________
1 مسلم: الإمارة (1844) , والنسائي: البيعة (4191) , وابن ماجه: الفتن (3956) , وأحمد (2/191) .
2 أحمد (5/153) .
3 الترمذي: المناقب (3788) , وأحمد (3/17 ,3/26 ,3/59) .

الصفحة 243