كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

فلا يكون خلقا. واستدل الإمام أحمد على الجهمية لما قالوا: إن كلام الله مخلوق، فقال: وكذلك بنو آدم، كلامهم مخلوق; فشبهتم الله بخلقه، حين زعمتم أن كلامه مخلوق; ففي مذهبكم أن الله قد كان في وقت من الأوقات لا يتكلم، حتى خلق التكلم فتكلم، وكذلك بنو آدم كانوا لا يتكلمون حتى خلق لهم كلاما، فجمعتم بين كفر وتشبيه، فتعالى الله عن هذه الصفة.
ومما يبين أن السلف كانوا يعتقدون أن كلام الله غير مخلوق، أنهم أوجبوا الكفارة على من حلف بالقرآن إذا حنث في يمينه; قال بعض الصحابة: عليه بكل آية كفارة; سمع ابن مسعود رجلا يحلف بالقرآن، فقال: أتراه مكفرا؟ إن عليه بكل آية كفارة; وقد أجمعوا: على أنه لا يجوز الحلف بالمخلوق، ولا تنعقد به اليمين، فلو كان القرآن مخلوقا عندهم، لم يجز الحلف به، ولم يوجبوا على الحالف به إذا حنث كفارة، لأنه حلف بشيء مخلوق.
وأيضا: من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أن اسم الله في القرآن مخلوق، فيلزمه أن من حلف بالله الذي لا إله إلا هو، لا يحنث، لأنه حلف بشيء مخلوق; قال الإمام أحمد، في كتاب "الرد على الجهمية": وزعمت أن اسم الله في القرآن إنما هو اسم مخلوق، فقلنا: قبل أن يخلق هذا الاسم، ما كان اسمه؟ قالوا: لم يكن له اسم، فقلنا: قبل أن

الصفحة 248