كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

الحنبلي، قال: كنت يوما عند القاضي، فتناظروا في مسألة القرآن، وعندنا "طرحان" الضرير، فقال لنا: اسمعوا مني حكاية، قلنا: هات; قال: تناظر أشعري وحنبلي، فقال الأشعري للحنبلي: أخبرني إذا أوقفك الله غدا بين يديه، فقال لك: من أين قلت إن كلامي بحرف وصوت؟ فماذا يكون في جوابك؟ فقال الحنبلي: أقول: يا رب هو ذا أنا أسمع كلامك، بحرف وصوت; قال: ثم سكت فلم يرد هذا شيئا، فبهت القاضي، ولم يدر ما يقول، وانقطع الكلام على هذا.
واحتج من ينفي الصوت، بأن قال: الصوت إنما هو أنين جُرمين، والله سبحانه متقدس عن ذلك.
والجواب أن يقال: فهذا قياس منكم على خلقه، وتشبيه له بعباده، والله تعالى لا يقاس على مخلوقاته، ولا يشبه بمصنوعاته {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى آية: 11] وأيضا فإنه يلزمهم سائر الصفات التي أثبتوها، فإن العلم في حقنا لا يكون إلا من قلب، والنظر لا يكون إلا من حدقة، والسمع لا يكون إلا من انخراق; والحياة لا تكون إلا في جسم، والله سبحانه وتعالى يوصف بهذه الصفات من غير أن يوصف بهذه الأدوات، فكذلك الصوت وإلا فما الفرق.
واتفق سلف الأمة وأئمتها على أن القرآن الذي يقرأه

الصفحة 253