كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

المسلمون كلام الله تعالى، فالصوت المسموع صوت القارئ، والكلام كلام الباري، فهم يميزون ما قام بالعبد، وما قام بالرب تبارك وتعالى، ولم يقل أحد منهم: إن أصوات العباد، ولا مداد المصاحف قديم، مع اتفاقهم أن المثبت بين لوحي المصحف كلام الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " زينوا القرآن بأصواتكم "1، فالكلام الذي يقرأه المسلمون كلام الله، والأصوات التي يقرؤون بها أصواتهم، فالكلام شيء والصوت شيء آخر، هذا مما لا يخفى على من لم يرسخ التعطيل في قلبه.
ثم ليعلم أن معتقدنا في إثبات الصفات، على الكتاب والسنة، فمهما جاء فيها، فهو الحق والصدق، لا يجوز التعريج على ما سواه، ولا الالتفات إلى هذيان يخالفه، فإن الله تعالى أمرنا بالأخذ بكتابه والاقتداء برسوله، وأخبر عن رسوله أنه قال: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [سورة الأنعام آية: 50] ، وقال: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [سورة الزمر آية: 55] ، وقال سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [سورة الأعراف آية: 157] إلى قوله: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة الأعراف آية: 157] ، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النور آية: 63] .
وها نحن قد بينا أن قولنا في الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، فهاتوا أن في الكتاب، أو السنة، أو قول
__________
1 النسائي: الافتتاح (1015) , وأبو داود: الصلاة (1468) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1342) , وأحمد (4/283 ,4/285 ,4/296) , والدارمي: فضائل القرآن (3500) .

الصفحة 254