كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

وعند الأشاعرة أن الله لم يكلم موسى، وإنما اضطره إلى معرفة المعنى القائم بالنفس، من غير أن يسمع منه كلمة، وما يقرأه القارئون ويتلوه التالون، فهو عبارة عن ذلك المعنى، وأن الحروف مخلوقة.
وفي حديث عبد الله بن أنيس المشهور: " فيناديهم بصوت، يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب، أنا الملك، أنا الديان "1 الحديث; وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي، فقلت: إن الجهمية يزعمون أن الله لا يتكلم بصوت، فقال: كذبوا، إنما يدورون على التعطيل; ثم قال: حدثنا عبد الله بن محمد المحاربي قال: حدثني الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: "إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء".
وعند الأشاعرة أن المعنى النفسي، القائم بذات الرب الذي يسمونه كلاما، شيء واحد لا يتبعض، وأن معنى الأمر والنهي والخبر، واحد; وأن معنى القرآن، والتوراة، والإنجيل، واحد، إن عبر عنه بالعربية فهو القرآن، وإن عبر عنه بالعبرانية فهو التوراة; وإن عبر عنه بالسريانية فهو الإنجيل; فهذا مما يقطع ببطلانه.
وقول الشارح: وبذلك اغتر من اغتر، فقد قال الله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} [سورة فاطر آية: 8] ، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [سورة النمل آية: 24] ، فنسأل الله أن
__________
1 أحمد (3/495) .

الصفحة 259