كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

تسمية إهباطه إدلاء، وهو إنما يكون إدلاء حقيقيا إلى المركز، ومن هناك إنما يكون مدا للحبل، والدلو لا إدلاء له، ولكن الجزاء والشرط مقدران، لا محققان; فإنه قال: لو أدلى لهبط; أي: لو فرض أن هناك إدلاء، لفرض أن هناك هبوطا، وهو يكون إدلاء وهبوطا، إذا قدر أن السماوات تحت الأرض، وهذا منتف، ولكن فائدته: بيان الإحاطة، والعلو من كل جانب.
وهذا المفروض ممتنع في حقنا لا نقدر عليه، فلا يتصور أن ندلي، فلا يتصور أن يهبط على الله شيء; لكن الله قادر، على أن يخرق من هناك بحبل، لكن لا يكون في حقه إدلاء، فلا يكون في حقه هبوطا عليه، كما لو خرق بحبل من القطب إلى القطب، أو من مشرق الشمس إلى مغربها، وقدرنا أن الحبل مر في وسط الأرض، فإن الله قادر على ذلك كله ... إلى أن قال: فعلى كل تقدير قد خرق بالحبل من جانب المحيط إلى جانب الآخر، مع خرق المركز; وبتقدير إحاطة قبضته بالسماوات والأرض، فالحبل الذي قدر أنه خرق به العالم وصل إليه، ولا يسمى شيئا بالنسبة إليه، لا إدلاء، ولا هبوطا، وأما بالنسبة إلينا: فإنما تحت أرجلنا، تحت لنا; وما فوق رؤوسنا، فوق لنا; وما ندليه من ناحية رؤوسنا، إلى ناحية أرجلنا، نتخيل أنه هابط؛ فإذا قدر أن أحدنا أدلى بحبل، كان هابطا على ما هناك، لكن هذا التقدير ممتنع في حقنا; والمقصود به بيان

الصفحة 273