كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

موصوفا بصفات الكمال، وصفات العظمة والجلال; وإنما يعبدون ذاتا مجردة عن الصفات؛ فهم كما قال بعض العلماء: لا يعبدون واحدا، أحدا، فردا صمدا، وإنما يعبدون خيالا عدما.
وهذا المذهب اشتهر بعد الجعد بن درهم عن تلميذه: جهم بن صفوان; ولذلك يسمى أهل هذا المذهب، عند السلف وأئمة الأمة: مذهب الجهمية، نسبة إلى جهم. ثم أعلن به وأظهره: بشر المريسي وأصحابه، في أوائل المائة الثالثة، لأنهم تمكنوا من بعض ملوك بني العباس، وصار لهم عنده جاه ومنْزلة، فقويت بذلك شوكة الجهمية، وكثر شرهم، وعظم على الإسلام وأهله كيدهم وضررهم، حتى امتحنوا من لم يوافقهم على بدعتهم وضلالتهم، فشردوا بعض أهل السنة عن أوطانهم، وحبسوا وضربوا، وقتلوا على هذا المذهب.
وجرى على إمام السنة الإمام أحمد بن حنبل من ذلك أشد امتحان وأعظم بلية، وضرب حتى أغشي عليه من الضرب، وإذا جادله منهم مجادل، قال: ائتوني بشيء من كلام الله، وكلام رسوله، حتى أجيبكم إليه، فيأبون ويعرضون، ويرجعون إلى شبه الفلاسفة واليونان، وهو مع ذلك يكشف لهم الشبه، ويبين بطلانها بأدلة الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، والأدلة العقلية الصريحة، وصنف في

الصفحة 286