كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

احتضنته السعادة، ونزلت به أسباب التوفيق والسيادة، وإن كان نظر العبد وميله، إلى كلام اليونان وأهل المنطق والكلام، ومشايخه من أهل البدعة والجدل، فقد احتوشته أسباب الشقاوة، ونزلت وحلت قريبا من داره موجبات الطرد عن مائدة الرب وكتابه; ومن عدم العلم فليبتهل إلى معلم إبراهيم، في أن يهديه صراطه المستقيم، وليتفطن لهذا الدعاء إذا دعا به في صلاته، ويعرف شدة فقره إليه وحاجته.
وأما من جحد لفظ الاستواء ولم يؤمن به، فهو أيضا كافر; وكفره أغلظ وأفحش من كفر من قبله، وهو كمن كفر بالقرآن كله; ولا نعلم أحدا قال هذا القول ممن يدعي الإسلام ويؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
والجهمي يوافق على كفر هذا، ولا يشكل كفر هذا، على من عرف شيئا من الإسلام، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [سورة هود آية: 17] ، أي: بالقرآن.
وأما قول القائل: استوى من غير مماسة للعرش; فقد قدمنا: أن مذهب السلف وأئمة الإسلام عدم الزيادة والمجاوزة لما في الكتاب والسنة، وأنهم يقفون وينتهون حيث وقف الكتاب والسنة، وحيث انتهيا. قال الإمام أحمد، رحمه الله: لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله. انتهى; وذلك لعلمهم بالله وعظمته في

الصفحة 289