كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

وفي قيامها، لأنه لا قيام لها إلا بأمره، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [سورة الروم آية: 25] والسماء: اسم لما علا وارتفع; فهو اسم جنس، يقع على العرش، قال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [سورة الملك آية: 16] الآية، وبحوله وقوته حمل العرش، وحمل حملة العرش; وهو الذي: {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا} [سورة فاطر آية: 41] الآية، وجميع المخلوقات مشتركون في الفقر والحاجة، إلى بارئهم وفاطرهم.
وقد قرر سبحانه كمال غناه وفقر عباده إليه في مواضع من كتابه، واستدل بكمال غناه المستلزم لأحديته، في الرد على النصارى وإبطال ما قالوه من الإفك العظيم، والشرك الوخيم، قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} [سورة يونس آية: 68] الآية، وكمال غناه يستلزم نفي الصاحبة والولد، ونفي الحاجة إلى جميع المخلوقات.
ولا يظن أحد يعرف ربه أو شيئا من عظمته وغناه ومجده، أنه محتاج إلى العرش أو غيره; وإنما يتوهم هذا من هو في غاية الجهالة والضلالة، أو من لم يعرف شيئا من آثار النبوة والرسالة، أو من فسدت فطرته ومسخ عقله، بنظره في كلام الجهمية وأشباههم، حتى اجتالته الشياطين، فلم يبق معه أثارة من علم، ولا نصيب من فهم; بل استواؤه على عرشه صفة كمال، وعز، وسلطان; وهو من معنى اسمه (الظاهر) ، ومعناه: الذي ليس فوقه شيء; والعلو علو

الصفحة 293