كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

الأسماء والصفات، لأن عندهم تعدد الصفات يقتضي تعدد الموصوف; والوحدة عندهم والتوحيد ينافي ذلك، فيثبتون ذاتا مجردة، وحقيقة مطلقة، غير موصوفة بصفة ثبوتية; ويفسرون الواحد بأنه الذي لا يقبل الانقسام، هذا كلام شيوخه وأسلافه من الجهمية الضالين، الذين ينكرون العلو والاستواء; ويزعمون أنه بذاته مستو في كل مكان; فما نزهوه عن شيء من الأماكن القذرة، التي ينَزه عنها آحاد خلقه، فما أجرأهم! وما أكفرهم! وما أضلهم عن سواء السبيل! ومنكر الاستواء هذا توحيده، وهذا رأيه.
وأما التوحيد الذي اشتملت عليه كلمة الإخلاص، فهو أجنبي عنه لا يدريه، وكيف يدري ذلك من أنكر أظهر الصفات التي بنيت عليها كلمة الإخلاص، واستحق بها الرب ما له من صفات الإلهية والربوبية، والكمال المطلق; فما للجهمية وهذا؟! وهم إنما يعبدون عدما; وإنما يبحث عن هذا ويدريه من يعبد إلها واحدا، فردا صمدا.
وشروط كلمة الإخلاص يعرفها بحمد الله صغار الطلبة من المسلمين، أهل الإثبات، ويتبين ذلك بتعريف الشرط، وهو أنه ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود لذاته; وإذا عرف هذا، فالعقل يلزم من عدمه العدم; والتمييز يلزم من عدمه العدم، والعلم يلزم من عدمه العدم; هذه شروط الصحة; وأما شروط القبول:

الصفحة 296