كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

فإذا زعمت أن استواءه مختص بالعرش، فمن أي شيء علم ذلك؟ وهل أتى سبحانه بحرف الحصر؟ وحرف الاختصاص؟ وهل تعرف حروف الاختصاص؟ وحروف الحصر أم لا؟ وما هي؟ فإذا قلت، مثلا: زيد استوى على الدار، فهل علم منه: أنه لا يستوي على غيره؟ والعاقل: يعلم ذلك بأدنى تأمل.
وجوابه، أن يقال: قد ثبت من غير طريق، عن مالك بن أنس رحمه الله، وعن شيخه ربيعة بن عبد الرحمن، بل ويروى عن أم سلمة، أم المؤمنين، أنهم قالوا: الاستواء معلوم، والكيف مجهول; وفي بعض طرقه: والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة; وزاد مالك، فقال للسائل: وما أراك إلا رجل سوء، وأمر به فأخرج; وعلى هذا درج أهل العلم وأهل السنة، من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، ولم يخالف في ذلك إلا الطائفة الضالة الملعونة الجهمية، وأشياخهم من غلاه الاتحادية، والحلولية.
وأما أهل السنة فعرفوا المراد وعقلوه، ومنعتهم الخشية، والهيبة، والإجلال، والتعظيم، من الخوض، والمراء، والجدال، والكلام الذي لم يؤثر، ولم ينقل; وقد عرفوا المراد من الاستواء، وصرح به أكابر المفسرين، وأهل اللغة; فثبت عنهم تفسيره بالعلو، والارتفاع، وبعض أكابرهم صرح بأنه صعد; ولكنهم أحجموا عن مجادلة

الصفحة 299