كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

السفهاء الجهمية، تعظيما لله، وتنْزيها لرب البرية; وإذا أخبر - جل ذكره - أنه استوى على العرش، وعلا، وارتفع، وكل المخلوقات، وسائر الكائنات، تحت عرشه، وهو بذاته فوق ذلك; وفي الحديث: " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء "1. فإذا عرف هذا، عرف معنى اختصاص العرش بالاستواء، وأن هذه الصفة، مختصة بالعرش.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل، الذي قال له: إنا نستشفع بك على الله، وبالله عليك; قال: " الله أكبر، الله أكبر، إن شأن الله أعظم من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟! إنه على عرشه - وأشار بيده كالقبة - وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه "2، وهذا الحديث لا يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة الذين عرفوا الله بصفات كماله، وعرفوا عظمته، وأنه لا يليق به غير ما وصف به نفسه، من استوائه على عرشه، ونزهوه أن يستوي على ما لا يليق بكماله وقدسه، من سائر مخلوقاته.
ومن أصول أهل السنة والجماعة: أنه سبحانه لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، ولم يصف نفسه بأنه استوى على شيء غير العرش، وكذلك رسله، وأنبياؤه، وورثتهم، لم يصفوه إلا بما وصف به نفسه، فإنكار هذا الجهمي اختصاص الاستواء بالعرش، تكذيب لما جاءت به الرسل، ورد لما فطر الله عليه بني آدم، من التوجه إلى جهة العلو،
__________
1 مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2713) , والترمذي: الدعوات (3400 ,3481) , وأبو داود: الأدب (5051) , وابن ماجه: الدعاء (3831) , وأحمد (2/381 ,2/404 ,2/536) .
2 أبو داود: السنة (4726) .

الصفحة 300