كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

وطلب معبودهم وإلههم، فوق سائر الكائنات {فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [سورة المؤمنون آية: 41] .
وتخصيص العرش بالاستواء نص في أنه لم يستو على غيره، والسائل أعجمي، لا خبرة له بموضوع الكلام، ودلالته؟ قال الحسن في مثل هؤلاء: دهتهم العجمة; ونفي الاستواء عن غير العرش معلوم من السياق، مع دلالة النص، والإجماع، والفطرة، وكذلك دلالة الأسماء الحسنى، كالعلي، والأعلى، والظاهر، ونحو ذلك، ولفظ: العلو، والارتفاع، والصعود، يشعر بذلك. ويستحيل أن يستوي على شيء مما دون العرش، لوجوب العلو المطلق، والفوقية المطلقة.
وأما قوله: وهل أتى سبحانه بحرف الحصر والاختصاص؟ فدلالة الكلام على الحصر، والاختصاص، تارة تكون بالحروف، وتارة تكون بالتقديم والتأخير، وتارة تكون من السياق، وتارة تكون بالاقتصار على المذكور في الحكم، ولا يختص الاختصاص بالحروف، قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة آية: 5] ، وهذا الضمير الظاهر ليس من حروف الحصر، وإنما عرف واستفيد من التقديم والتأخير، وتارة يستفاد من الحروف، كقوله: " إنما الأعمال بالنيات "1، وقوله تعالى: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [سورة الكهف آية: 110] ، وتارة من الاستثناء بإلا بعد النفي،
__________
1 البخاري: بدء الوحي (1) , ومسلم: الإمارة (1907) , والترمذي: فضائل الجهاد (1647) , والنسائي: الطهارة (75) والطلاق (3437) والأيمان والنذور (3794) , وأبو داود: الطلاق (2201) , وابن ماجه: الزهد (4227) , وأحمد (1/25 ,1/43) .

الصفحة 301