كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

حِفْظُهُمَا} [سورة البقرة آية: 255]
الآية. فكيف يوصف بالاستواء على ما دونه، وقد تمدح، وأثنى على نفسه باستوائه عليه، ووصفه بما لم يصف به غيره من مخلوقاته؟
الوجه الثالث: أن تمثيله بقول القائل: زيد استوى على الدار، وأن ذلك لا يعلم منه أنه لا يستوي على غيرها، فهذا جهل عظيم، والكلام يختلف باختلاف حال الموصوف، وما يليق له من الصفات. وأصل ضلال هذه الطائفة أنهم فهموا من صفات الله الواردة، في الكتاب والسنة، ما يليق بالمخلوق ويختص به، فلذلك أخذوا في الإلحاد، تشبيه المخلوق بالخالق.
الوجه الرابع: أن هذا التمثيل الذي أبداه السائل، قد نص القرآن على إبطاله، قال تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [سورة النحل آية: 74] ؛ وأصل الشرك والتعطيل، شبهوا أولا، وعطلوا ثانيا.
فصل: قال الجهمي في ورقته: وإذا أقررت لله مكانا معينا، فما معنى قوله تعالى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ، وقال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق آية: 16] ، وقال: إنه قريب، وقال صلى الله عليه وسلم: " حيثما كنتم فإنه معكم " فإذا قلت: هذه الآيات مؤولة، وأقررت بالتأويل، فالآية الأولى أولى به، لأنها بلا تأويل تخالف الإجماع،

الصفحة 303