كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

أسمائه: القريب المجيب، ومن أسمائه: الظاهر الباطن.
وكذلك قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [سورة البقرة آية: 186] ، وقد حرف هذا السائل هذه الآية، وقال: إنه قريب، وهذا قرب خاص بداعيه; وفي الحديث: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد "1 لأن حال السجود غاية في العبودية والخضوع، ولذلك صار له قرب خاص لا يشبهه سواه، وهذا مما يبين لك بطلان قول الجهمي: إنه بذاته في كل مكان، ولو كان الأمر كما قال الضال، لم يكن للمصلي والداعي خصوصية بالقرب، ولكان المصلي وعابد الصنم سواء في القرب إليه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: المعية نوعان: عامة، وهي: معية العلم، والإحاطة، كقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [سورة الحديد آية: 4] ، وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [سورة المجادلة آية: 7] ، وخاصة، وهي: معية القرب، كقوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [سورة النحل آية: 128] ، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة البقرة آية: 153] ، {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [سورة العنكبوت آية: 69] . فهذه معية قرب، تتضمن الموالاة، والنصر، والحفظ، وكلا المعيتين مصاحبة منه للعبد، لكن هذه مصاحبة اطلاع وإحاطة، وهذه مصاحبة موالاة ونصر
__________
1 مسلم: الصلاة (482) , والنسائي: التطبيق (1137) , وأبو داود: الصلاة (875) , وأحمد (2/421) .

الصفحة 307