كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

المعروف عمن ينتسب إلى الأشعري والكرامي; ثم هؤلاء قد يقولون في آيات الصفات وأحاديثها: تجرى على ظاهرها، يريدون أنها تتلى، ولا يتعرض لإثبات ما دلت عليه من المعنى المراد والحقيقة المقصودة; بل يصرحون برد ذلك ونفيه; ومقصود السلف بقولهم: أمروها كما جاءت، وقول من قال: تجرى على ظاهرها، إثبات ما دلت عليه من الحقيقة، وما يليق بجلال الله وعظمته، وكبريائه، ومجده، وقيوميته وحده، كما ذكر الوليد بن مسلم، عن مالك، والليث، وسفيان الثوري، والأوزاعي، أنهم قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف.
فقولهم: أمروها كما جاءت، رد على المعطلة الذين لا يرون ما دلت عليه وجاءت به من الحقيقة المقصودة والمعنى المراد، وقولهم: بلا كيف، رد على الممثلة الذين يعتقدون أن ظاهرها فيه تمثيل وتكييف، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا؛ ومذهب السلف: إثبات ما دلت عليه الآيات والأحاديث، على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته، وكبريائه، ومجده.
ومن قال: تجرى على ظاهرها، وأنكر المعنى المراد، كمن يقول في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [سورة طه آية: 5] إنه بمعنى: استولى، وفي قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [سورة ص آية: 75] إنه بمعنى: القدرة، ومع ذلك

الصفحة 311