كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

السماوات، قلت: فإن قال إنه على العرش استوى، ولكن لا أدري، العرش في السماء أم في الأرض؟ قال: هو كافر، لأنه أنكر أن يكون الله في السماء، لأنه تعالى في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل؛ وهذا يدل على أن من آمن بنفس اللفظ، ونفى ما يدل عليه من العلو، فهو كافر عنده؛ وغيره من الأئمة لا يخالفه. وقال مالك رحمه الله: الله في السماء، وعلمه في كل مكان.
وقد بسط اللالكائي - رحمه الله - أقوال الأئمة من السلف ومن بعدهم، على تكفير هذا الضرب من الناس. وقد حبس هشام بن عبد الله الرازي، قاضي الري، رجلا في التجهم، فأظهر التوبة، فأحضر عنده، فقال: الحمد لله على التوبة، فقال هشام: أتشهد أن الله على عرشه، بائن من خلقه؟ فقال: أشهد أن الله على عرشه، ولا أدري ما بائن من خلقه، فقال: ردوه، فإنه لم يتب.
وذكر الحاكم بإسناد صحيح، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، رحمه الله، أنه قال: "من لم يقل إن الله فوق سماواته، على عرشه، بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، ثم ألقي في مزبلة، لئلا يتأذى بنتن ريحه، أهل القبلة وأهل الذمة".
وبهذا تعلم أن التفويض عند السلف، إنما هو في العلم بالكيفية، لا فيما دلت عليه النصوص من إثبات

الصفحة 313