كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

تعالى احتجب بهذا النور المذكور، وهو الذي حجبه صلى الله عليه وسلم عن رؤية البارئ تعالى وتقدس، وهذا النور، الذي رآه صلى الله عليه وسلم كما تقدم في حديث أبي ذر: " رأيت نورا " وقد احتجب سبحانه وتعالى بحجب عن خلقه، من نور ومن غيره، كما ذكر في آثار مروية عن السلف، جمع كثيرا منها السيوطي، في كتاب الهيئة السنية؛ فإذا فسرت السبحات بنور وجهه الكريم، جازت الاستعاذة بها، لأنها وصف ذات.
ويؤيد ما إليه أومأ ابن القيم، رحمه الله تعالى، قول ابن الأثير: سبحات الله جل جلاله، عظمته; وهي في الأصل: جمع سبحة، وقيل: ضوء وجهه، وقيل: سبحات وجهه، محاسنه; وقيل معناه: تنْزيهه له; أي: سبحان وجهه; وقيل: إن سبحات الوجه، كلام معترض، بين الفعل والمفعول، أي: لو كشفها، لأحرقت كل شيء أبصرت.
قلت: يريد أن السبحات هي النور الذي احتجب به ولذلك، قال: لو كشفها; قال: وأقرب من هذا، أن المعنى: لو انكشف من أنوار الله تعالى - التي تحجب العباد - شيء، لأهلك كل من وقع عليه ذلك النور، كما خر موسى صعقا وتقطع الجبل دكا، لما تجلى الله سبحانه وتعالى؛ ففي كلام ابن الأثير: ما يدل على أن الحجاب نفس أنوار الذات، فتأمله. وذكر ابن الأثير وغيره، أن جبرائيل، "قال: لله دون العرش سبعون حجابا، لو دنونا من

الصفحة 317