كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

دون الله ورسوله، ومن دون عباده المؤمنين، وهذا الأصل المحكم، لا قوام للإسلام إلا به. وقد سلك في الإحياء طريق الفلاسفة والمتكلمين في كثير من مباحث الإلهيات وأصول الدين، وكسا الفلسفة لحاء الشريعة، حتى ظنها الأغمار والجهال بالحقائق من دين الله الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، ودخل به الناس في الإسلام; وهي في الحقيقة محض فلسفة منتنة، يعرفها أولو الأبصار، ويمجها من سلك سبيل أهل العلم كافة، في القرى والأمصار.
قد حذر أهل العلم والبصيرة عن النظر فيها، ومطالعة خافيها وباديها؛ بل أفتى بتحريقها علماء المغرب ممن عرف بالسنة، وسماها كثير منهم إماتة علوم الدين. وقام ابن عقيل أعظم قيام في الذم والتشنيع، وزيف ما فيه من التمويه والترقيع، وجزم بأن كثيرا من مباحثه زندقة خالصة، لا يقبل لصاحبها صرف ولا عدل.
قال شيخ الإسلام: ولكن أبو حامد دخل في أشياء من الفلسفة، وهي عند ابن عقيل زندقة، وقد رد عليه بعض ما دخل فيه من تأويلات الفلاسفة، ورد عليه شيخ الإسلام في السبعينية، وذكر قوله في العقول والنفوس، وأنه مذهب الفلاسفة، فأفاد وأجاد. ورد عليه غيره من علماء الدين، وقال فيه تلميذه بن العربي المالكي: شيخنا أبو حامد دخل في جوف الفلسفة، ثم أراد الخروج فلم يحسن; وكلام

الصفحة 320