كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

سر لو ظهر لبطلت النبوة; وللنبوة سر لو كشف لبطل العلم; وللعلم سر لو كشف لبطلت الأحكام; قلت: سر العلم قد كشف بصوفية أشقياء، فانحل النظام، وبطل لديهم الحلال والحرام.
قال ابن أحمد: ثم قال الغزالي، القائل بهذا إن لم يرد إبطال النبوة في حق الضعفاء، فما قال ليس بحق; فإن الصحيح لا يتناقض، وإن الكامل لا يطفئ نور معرفته نور ورعه، وقال الغزالي: العارف، يتجلى له أنوار الحق، وتنكشف له العلوم المرموزة المحجوبة عن الخلق، فيعرف معنى النبوة، وجميع ما وردت به ألفاظ الشريعة، التي لحن منها على ظاهرها، قال عن بعضهم: إذا رأيته في البداية قلت صدّيقا، وإذا رأيته في النهاية قلت زنديقا، ثم فسره الغزالي، فقال: إذا رأيتم الزنديق لا يلصق إلا بمعطل الفرائض، لا بمعطل النوافل، وقال: وذهبت الصوفية إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية; فيجلس فارغ القلب، مجموع الهم، فيقول: الله، الله، الله، على الدوام; فيتفرغ قلبه، ولا يشتغل بتلاوة، ولا كتب حديث; فإذا بلغ هذا الحد، التزم الخلوة ببيت مظلم، ويتدثر بكسائه، فحينئذ يسمع نداء الحق: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [سورة المزمل آية: 1] ، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [سورة المدثر آية: 1] .
قلت: إنما سمع شيطانا، أو سمع شيئا لا حقيقة له،

الصفحة 328