كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

قال عبد الله بن علي الأثيري: سمعت عبد المؤمن بن علي القيسي، سمعت عبد الله بن تومرت، يقول: أبو حامد الغزالي قرع الباب، وفتح لنا. قال أبو محمد العثماني وغيره: سمعنا محمد بن يحيى العذري المؤدب يقول: رأيت بالإسكندرية، سنة خمسمائة، كأن الشمس طلعت من مغربها، فعبرها لي عابر، ببدعة تحدث فيهم، فبعد أيام وصل الخبر بإحراق كتب الغزالي من البريد.
قال أبو بكر بن العربي، في شرح الأسماء الحسنى: قال شيخنا أبو حامد قولا عظيما، انتقده عليه العلماء، وقال: وليس في قدرة الله أبدع من هذا العالم، في الإتقان والحكمة، ولو كان في القدرة أبدع أو أحكم منه ولم يفعله، لكان ذلك قضاء للجور، وذلك محال. ثم قال: والجواب: أنه باعد في اعتقاد عموم القدرة ونفي النهاية عن تقدير المقدرات المتعلقة بها، ولكن في تفصيل هذا العلم المخلوق، لا في سواه; وهذا رأي فلسفي، قصدت به الفلاسفة قلب الحقائق، ونسبة الإتقان إلى الحياة مثلا; والوجود إلى السمع والبصر، حتى لا يبقى في القلوب سبيل إلى الصواب؛ واجتمعت الأمة على خلاف هذا الاعتقاد، وقالت عن بكرة أبيها: إن المقدورات لا نهاية لها بكل مقدور الوجود، لا بكل حاصل الوجود، إذ القدرة صالحة. ثم قال: هذه وهلة لألعابها، ومزلة لا تماسك فيها، ونحن وإن كنا نقطة من بحره، فإنا لا نرد عليه إلا بقوله.

الصفحة 330