كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

ومما أخذ عليه، قوله: إن للقدر سرا نهينا عن إفشائه; فأي سر للقدر؟! فإن كان مدركا بالنظر وصل إليه ولا بد، وإن كان مدركا بالخبر فما ثبت فيه شيء، وإن كان يدرك بالحيل والعرفان فهذه دعوى محضة، فلعله عنى بإفشائه: أن تعمق في القدر وبحث فيه.
قال الذهبي: أنبأنا محمد بن عبد الكريم، أنبأنا أبو الحسن السخاوي، أنبأنا خطاب بن قمرية الصوفي، أنبأنا سعد بن أحمد الإسفرائيني بقراءتي، أنبأنا أبو حامد محمد بن محمد الطوسي، قال: اعلم أن الدين شطران: أحدهما ترك المناهي، والآخر فعل الطاعات؛ وترك المناهي هو الأشد، والطاعات يقدر عليه كل أحد، وترك الشهوات لا يقدر عليه إلا الصديقون، ولذلك قال أبو عامر العبدي: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي يحلف بالله أنه أبصر في نومه، كأنه ينظر في كتب الغزالي، فإذا هي كلها تصاوير.
وقال ابن الوليد الطرطوشي في رسالته إلى ابن المظفر: فأما ما ذكرت من أبي حامد، فقد رأيته وكلمته، ورأيته جليلا من أهل العلم، واجتمع فيه العقل والفهم، ومارس العلوم طول عمره، وكان على ذلك معظم زمانه، ثم بدا له عن طريقة العلماء، ودخل في غمار العمال، ثم تصوف، وهجر العلوم، وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء

الصفحة 331