كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

الفلاسفة، ورموز الحلاج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين؛ ولقد كاد أن ينسلخ من الدين، فلما عمل الإحياء عمد يتكلم في علوم الأحوال، ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه، وشحن كتابه بالموضوعات.
قال الذهبي، بعد أن ساق كلام ابن الوليد الطرطوشي، قلت: أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير، لولا ما فيه من آداب ورسوم، وزهد من طرائق الحكماء ومنحرف الصوفية، نسأل الله علما نافعا; تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا، وفعلا، ولم يأت نهي عنه، قال عليه السلام: " من رغب عن سنتي فليس مني "1. فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين، وسنن النسائي، ورياض النووي، وأذكاره، تفلح وتنجح، وإياك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات; فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه بالله! اللهم اهدنا الصراط المستقيم. انتهى.
ولمحمد بن علي المازني الصقيلي، كلام على الإحياء، قال فيه: قد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بإحياء علوم الدين، وذكرتم أن آراء الناس فيه قد اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصبت لإشهاره، وطائفة حذرت منه ونفرت، وطائفة لكتبه أحرقت. وكاتبني
__________
1 البخاري: النكاح (5063) , ومسلم: النكاح (1401) , والنسائي: النكاح (3217) , وأحمد (3/241 ,3/259 ,3/285) .

الصفحة 332