كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

المؤمن على نفسه أن لا يوفق لذلك; وفيه بيان التوكل على الله في كل الأمور، خصوصا في هداية القلوب وغفران الذنوب، فما قدر الله حق قدره من استعان بغيره في حاجاته; وفيه الفرق بين هداية الإرشاد، وهداية التوفيق، كما في قوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [سورة القصص آية: 56] .
إذا تقرر ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعله الله إماما للناس، فكما أنزل عليه القرآن، أنزل عليه السنة، موافقة للقرآن مبينة له; فما وافق هديه فهو الصراط المستقيم، وما خالفه فهو البدعة والضلال الوخيم، وكل بدعة ضلالة، إذ لا طريق إلى الحق إلا من طريقه، ولا شرب إلا من حوضه ورحيقه، وجميع الطرق مسدودة، وجميع الآراء مردودة، إلا ما وافق الكتاب والسنة. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [سورة النور آية: 63] الآية، فانظر إلى إنكاره على من وافق رأي سفيان، فكيف بمن اتبع رأي فلان وفلتان، وترك النظر في السنة والقرآن؟ !
وقد حضر إلى الواثق في أيام المحنة، رجل من البادية، فقال: هل علم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الرأي الذي دعوتم إليه الناس، ولم يدع الأمة إليه، أو هو لم يعلمه؟ فقال القاضي: بل علمه، فقال: وكيف وسعه أن يترك الناس ولم

الصفحة 335