كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

يحضر مجلسه الشريف العالم، والجاهل، والذكي، والبليد، والأعرابي الجافي; وقد أوجب عليهم أن يتدبروا ذلك الكتاب، ويعتقدوا موجب ذلك الخطاب، ليزدادوا به معرفة، مع الفطرة السليمة.
فهل يتصور عاقل أن هناك دليلا خفيا لا يستنبطه إلا أفراد الناس؟ ويدع الأمة في حيرة والتباس، ويترك تبليغه الأمة، ويدعهم في جهالة وضلالة وغمة، حتى إذا انقرض عصر الصحابة والتابعين، ظفر ببيانه من أخذ عن اليونان والصابئين، كجهم وبشر وغيرهما من المبتدعين؟! هذا والله نقيض البيان، وضد الهدى والبرهان، كيف يتكلم هو، وهم، بكلام يريدون به خلاف ظاهره المراد، المخالف لما يتوهمه أهل الفساد، ويندرجون على خلاف هذا الاعتقاد، وأن صرفه إلى التأويلات المحدثة هو المراد؟ !.
من لم يكن يكفيه ذان فلا كفاه الله شر حوادث الأزمان
بل السلف رضوان الله عليهم أنصح للأمة، وأبين للسنة، وقد فهموا: أن بعض العلم جهالة، قال صلى الله عليه وسلم: " إن من العلم جهلا "1 وقال في دعائه: " أعوذ بالله من علم لا ينفع "2، وقال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله"3؟
وقد علم أن ما كان في الكتاب والسنة، لا يخالف ظاهره باطنه، فقد عرفوا دليله، ووضحوا سبيله، إما بأن
__________
1 أبو داود: الأدب (5012) .
2 مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2722) , والنسائي: الاستعاذة (5458 ,5538) .
3 البخاري: العلم (127) .

الصفحة 337