كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

الباري وجودية، تحيط به وتحوطه، إحاطة الظرف بالمظروف; وهو سبحانه أعظم من ذلك وأكبر {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [سورة طه آية: 110] ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى آية: 11] ، لا طريق إلى العلم بذلك، ولا نتجاوز ما علمناه في كتابه وما قاله رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من كونه فوق عرشه هذا المعنى؛ وإثبات جهة الفوقية لا محيد عنه {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [سورة الروم آية: 30] ، وهو بحسب الكون وحدوثه، لا بحسب المكون، تعالى وتقدس.
وتكون الإشارة إلى السماء إشارة حقيقية، وهي واقفة على أعلى جزء من الكون، وتقع على عظمة الإله على ما يليق به، وإنكاركم للجهة التي المقصود بها مباينة الخالق للمخلوق، وعلوه على خلقه، واستواؤه على عرشه، إنكار باطل، وتسميته جهة اصطلاح منكم نفرتم به الجهال، وسوغتم به الضلال، ونفيتم به صفات الكمال.
قال بعض العلماء: وقد توصل الجهمية إلى نفي ما دل عليه العقل والنقل، فسموا ما فوق العالم جهة وقالوا: منَزّه عن الجهة، وسموا العرش حيزا وقالوا: منَزّه عن التحيز; وسموا الصفات أعراضا وقالوا: منَزّه عن قيام الأعراض؛ وسموا حكمته غرضا وقالوا: منَزّه عن الأغراض؛ وسموا كلامه، ونزوله إلى السماء، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء، ومشيئته، وإرادته، وغير ذلك حوادث، وقالوا:

الصفحة 339